صبحي عطا الله وأنا ... والسجن .

([b]

أثناء تأديتي الخدمة العسكرية ، مرت فترة ليست بالقصيرة وأنا في المعسكر دون فسح أو إجازات ، وكان موقعي خلال تلك الفترة على طريق إسكندرية الصحراوي الكيلو 14 تقريباً ومن ثم الانحراف على طريق غير ممهد يمتد طوله حوالي 7 كيلومترات في حضن جبل من أعلاه ترى على آخر النظر منظر الخضرة باهتة ومباني قرية أبو رواش التابعة للجيزة.
فكرت أن أرى الشارع اشتقت لرؤية الناس لرؤية الألوان الأحمر والأخضر والأزرق والفوشيا ، بصري تشبع باللون الأصفر (الكاكي ) فالصحراء والجبل والملابس وعربات الجيش والمعدات جميعها بذات اللون ، لاح في فكري أقرب الأصدقاء في مصر الذين سبق زيارتهم وهما الأخوين الشحات جاب الله و علي عبدالقادر (فكيه) وكان الأول رجل أمن والأخير يدرس بكلية التعاون التجاري .
ذهبت للقائد واستأذنته الخروج ، وبعد مجادلة أعلمني بأن التعليمات لا تسمح لأي أحد بالخروج وأسرته في القاهرة ولا يستطيع رؤيتهم ، وكنت من ضباط الصف المتميزين تدريباً وخلقاً ، فاقترح علي أن أذهب للمستشفى غداّ ( أورنيك عيادة ) ويمكنني الذهاب من الآن.
وكانت الشمس قد سكنت خلف خط المغيب و لم يتبقى منها سوى بعض أشعتها الهاربة من وراء الأفق , والمعركة تدور بين الليل والنهار ، ولم يبقى في وجداني سوى أحضان الصديقين ، خرجت من مكتب القائد ، سرت على قدماي المسافة إلى الطريق المرصوف ، ووقفت منتظراً إحدى السيارات العسكرية المتجهة للقاهرة .
وقفت إحداها ، وأشار سائقها لي بالصعود من الخلف (الصندوق ) أرسلت له ابتسامة امتنان ، بعد دقائق معدودة وجدت السيارة قد توقفت عند (ميدان الرماية ) مفرق طريق إسكندرية والفيوم ، كان الليل قد نسج خيوطه وحبك ملابسه السوداء على الكون ، ووسط الظلمة هناك أضواء خافتة منبعثة من كازينو (لاروند) وإذ بأحد أفراد الشرطة العسكرية بصوت حازم وقاطع يطلب تصريح الخروج ( تصريحك يا عريف ) وبسرعة أخرجت له الورقة من جيب السترة، فنظر إليها وقال انزل ، وقبل أن يكررها ودون أي رجاء قفزت من السيارة على الأرض وإذ بسيارة شرطة عسكرية تقف في زاية مظلمة يتجمع بها أمثالي ، فأنا أحمل أورنيك عيادة والمستشفى لا تبدأ إلا في الصباح وخروجي من الليل مخالف ( هروب ) ويجب أن يكون معي مندوب ... استدارت السيارة ودخلت بوابة كبيرة ملتفة بأأشجار الجزاورين الباسقة اليانعة في مواجهة كازينو (لاروند ) مباشرة، كنت مع مجموعة حوالي 15 فرد بين جندي وصف ضابط ، وقفنا طابوراً منتظماً يعترينا الخوف بل الرعب من المتوقع والمجهول الذي ينتظرنا.
تم تسليم بطاقاتنا العسكرية ومحافظ نقودنا لعرضها على القائد لعمل إجراءات الحبس حتى ينظر في أمرنا صباحاً ، في هذه الأثناء وخيبة الأمل تسيطر على قلبي ، وصورة العزيزين الشحات جاب الله وعلي عبدالقادر بدأت تتلاشي من ذاكرتي ، وبات شاغلي هو الهم الذي ينتظرني .
تقدم إلينا أحد أفراد الشرطة العسكرية وقادنا في طابور إلى السجن ، وقفنا أمام الباب وأمرنا بخلع الأحزمة ( القايش ) والأحذية ، لدخول السجن ، وهو عبارة عن غرفة منخفضة عن سطح الأرض بعدد من الدرجات القليلة .
وأنا أعيش هذه اللحظات والمشاعر متداخلة ومرتبكة، وقد ضاع الأمل في روية أحد الأصدقاء ، وإذ بصوت ينادي (العريف موسى أبوزيد خطوتين للخلف ) سمعت الصوت جاء حاداً وجاداً وكأن صوتاً من السماء ينادي على أحد البشر يوم الحشر ، وفي صمت يخالجه الوجل نفذت الأمر وأنا في بين الحيرة و الانتباه واليقظة والنظر أمامي .
وإذ بيد خفيفة تربت على كتفي يقول صاحبها ( ازيك يابن الخال ) كانت هذه الكلمة دائماً يناديني بها المرحوم ( صبحي عطا الله ) فتزاحمت نغمات الأصوات في رأسي للتأكد من صاحبها والتفت لأجده والابتسامة المعهودة على وجهه و يفتح زراعيه ليستلمني في أحضانه التي مازلت أشعر بها كلما تذكرت الموقف .
وإذ به ينادي على الطابور ( علشان ابن الخال كل المخالفين يروحوا ) كان هو قائد المعسكر في تلك الليلة ، انهالت الدعوات وسمعت همهمات منها من يتساءل عن الموضوع ومنها من يدعو وآخر يضحك ، وانصرف الجميع .
واصطحبني إلى غرفته وأمر بالعشاء ، أحضره الجنود الجدد ، تناولناه معاً ، وسألني عن مقصدي فأخبرته فحملني السلام للأخوين الشحات جاب الله وعلي عبدالقادر عبدالله، وأمر بسيارة جيب عليها شعار الشرطة العسكرية تقلني إلى وجهتي ، ولم ينس أن يقول لي أنا هنا في أي وقت ، وأثناء ركوبي السيارة في شوارع القاهرة ، كنت المح على بعد بعض الجنود الذين يهربون إلى شوارع جانبية عند رؤيتهم السيارة التي أقلها ، فأبتسم . ( رحم الله أخي وحبيبي وعزيزي صبحي عطا الله ) .
( وقائع الحكاية تصلح مشروع قصة قصيرة )[/b]

يااااااااااااااااااااااااااااااااااه ياعم الحاج دائما تنقل لنا صورل تدمع لها العيون من الفرحة عند سماع هذه الاخبار والقصص التى لم نعاصرها ورحم الله /صبحى عطا الله ودامت ذكراه للابد
تقبل مرورى

يبدو ان الاخ/صبحى عطا الله كان بطلا شهما لا حدود لشهامته رحمه الله رحمة واسعة
تقبل مرورى

والله انك لقصاص رائع

القصة جميلة ورائعة ... كنت اتمايل معها صعودا وهبوطا... تارة مبتسما ، وتارة باكيا ... وكأنني أشاهد فيلما سنمائيا ...فابتسمت كثيرا حين قلت : قادنا أحد أفراد الشرطة بعد أن أمرنا بخلع القايش ..... وبكيت متأثرا حين قلت : واذ بيد خفيفة تربت على كتفي قائلا ازيك ياابن الخال ... بل وهللت مكبرا حين قلت : عشان ابن الخال الكل يروح... رحم الله جميع موتى المسلمين... وشكرا لك أيها الرجل البارع على هذه القصة.... وكل مشاركاتك التي تثري بها المنتدى فشكرا لك ألف شكر ر

[b]شكرا لك أستاذنا الفاضل موسى أبو زيد : ذكرتنا بأستاذنا الفاضل رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
كان أستاذى فى المرحلة الإبتدائية كان نعم الرجل ونعم المربى وكان له فضل كبير علينا جميعا

شكرا على ردك الجميل ونتمنى المزيد من القصص والبطولات التى من شانها ان تعرفنا بسالف العصر والزمان
تقبل مرورى

جزاك الله كل خير على تذكرك وتذكيرنا برجل شهم ، رجل بمعنى الكلمة ، لقد عاصرت الاخ المرحوم صبحى عطا الله وكان ذلك اثناء اجازاتى الصيفية التى كنت اقضى اغلبها بالبلد ، حيث انه كثيراً اثناء خدمتة ابلجيش ما كان يزورنا بالقاهرة بحكم وجودة اثناء الخدمة العسكرية ، وكنت ارافقة اثناء رحلات فريق الكرة بالبلد الى كافة القرى المحيطة بالمركز لاقامة المباريات والدورات الخاصة بركز الشباب ، وكان ودة معى بسبب درجة القرابة التى كانت تجمعنا سوياً لاننى كنت ما زلت صغيراً ، حيث انه كان مدير فريق الكرة واخية رحمه الله الاستاذ ابراهيم عطا الله رئيس مركز شباب ميت الديبة ، وكنت ارى فى المرحوم شهامة ورجولة لقيادتة لفريق الكرة بالبلد ، وعمل له سمعة طيبة بين فرق المركز وكان ايضاً له سمعة طيبة وقد شاء الله ان تفقد القرية احد ابنائها الاجلاء الذين كان لهم بصمة طيبة على شباب القرية وكان رفيقة فى ذاك الوقت المرحوم مختار تركى رحمه الله ، واكرر شكرى لتذكرك اخوة افاضل اعزاء على النفس والقلب

والله انها لقصةجميلة تمايلت بأحاسيسى يمنة ويسرة حتى أنى عشتها لحظة بلحظة فما احوجنا لابن الخال صبحى عطالله
رحمه الله رحمة واسعة
فى زمن الجميع يحيا لنفسه هذه القصة الرائعة الشيقة بكل معانى الكلمة ذكرتنى بقصتى ايام خدمتى ايضا التى سأرويها لاحقا ان شاء الله ولكن كان بطلها المرحوم الاخ العزيز سعيد شلبى الذى لن انسى معروفه لى اخيرا جزا الله خيرا الأخ الكريمموسى أبوزيد
لتذكيره لنا بالأيام التى يظهر فيها الرجال دون أن يشعر بهم أحد تقبل مرور اخيك المنسى

كل اهل بلدى اهل شهامة وهذا ما أعهده دائما فيهم وقت الشده اللهم وفقهم جميعا لما تحب وترضاه وارحم من مات منهم اللهم آمين تقبلوا تحياتى المنسى

اولا انا اعرف الاستاذ موسي ابوزيد الاا اسما ولم اراه واعرف عنه كل خير ولكن بعد ان قرات مسا هماته الرائعه والتي تنقلنا الي الزمن الجميل زمن الاصاله والشهامه والود والاحترام المتبادل تمنيت ان اراه في كل لحظه فهو من جيل العمالقه وانا من جيل الشباب جيل بدايه السبعينيات وهو يكبرني بكثير وثانيا فهو كاتب رائع لقدرته الفا ئقه علي صياغه القصه بطريه مشوقه وكم كنت اتمني ان اري المرحوم الاستاذ صبحي عطا الله الرجل الذي يذكره الجميع الي وقتنا هذا وسيظل يذكره الجميع بكل خير اللهم ارحمه يا رب رحه واسعه وارحم جميع موتا نا وموتي المسلمين ا

ياأخى وحشنى جدا ياعلاء وياأسامة وأعجبنى أيضا حواركما مع الأستاذ الكبير موسى أبوزيد وأعجبنى قوله (( وأنا أجتر ذكريات)) كم هى معبرة عن الهدوء فى استرجاع الذكريات بلا نسيان لذا أتوقع منكم الكثير

اولا شكرا كثبرا استاذ موسى ابو زيد لقد قرأت هذا المقال صدفه فسالت ابى عن محتواها بعد قرأتها فحكى لى الكثير عن اخيه استاذ صبحى عطالله .لقد احببته دون ان اراه لكن رأيت جدو ايراهيم عطاالله وجلست معه كثيرفقد كان ياتى لزيارتنا وكان يحب ابى .......كثيرا شكرا مره ثانيه ولكن ابى ثأثر كثيرا وشكرا لكل من شارك برأية احمد مفرح فصيح عطاللها

أاستاذى الجليل الوقور الفاضل موسى ابوزيد حقا انتم تستحقون كل الخير لما لكم من صفات طيبه هى نادره هذة الايام فأنتم من اصل طيب ولا تذكرون الا الطيب ما تقابلت معكم لكن احببتكم كثيرا وازداد حبى لكم بسبب مشاركتكم الايجابيه المفيدة ثم اننى تأثرت عندما قرأت فهى ذكريات رائعه تحياتى لكم